![]() |
| أهمية اليود وتأثير نقصه على الجسم والعقل |
يُعدّ اليود من المعادن الدقيقة الأساسية التي يحتاجها الجسم بكميات ضئيلة، لكنه يؤدي دورًا بالغ الأهمية في الحفاظ على التوازن الهرموني، وصحة الدماغ، ووظائف الجهاز المناعي، والنمو الطبيعي للجسم والعقل. وعلى الرغم من بساطة الحاجة اليومية إليه، فإن نقص اليود يُعدّ من أكثر حالات نقص المغذيات شيوعًا عالميًا، وله آثار صحية خطيرة قد تمتد من اضطرابات الغدة الدرقية إلى ضعف القدرات الذهنية وتأخر النمو، خاصة لدى الأطفال والحوامل.
في هذه المقالة، نسلّط الضوء على أهمية اليود، ووظائفه الحيوية، وأسباب نقصه، وأعراضه الخفية، وتأثيره العميق على الجسم والعقل، مع توضيح أفضل مصادره الغذائية وفق منظور علمي مبسّط.
ما هو اليود ولماذا يحتاجه الجسم؟
اليود عنصر معدني نادر لا يستطيع الجسم تصنيعه ذاتيًا، لذا يجب الحصول عليه من الغذاء. تكمن أهميته الأساسية في كونه المكوّن الرئيس لهرمونات الغدة الدرقية، وتحديدًا هرموني الثيروكسين (T4) وثلاثي يودوثيرونين (T3)، اللذين ينظّمان عمليات الأيض، وحرارة الجسم، واستهلاك الطاقة، ونمو الخلايا.
يحتاج البالغون عادةً إلى نحو 150 ميكروغرامًا يوميًا من اليود، وهي كمية صغيرة جدًا، لكنها ضرورية للحفاظ على التوازن الهرموني ووظائف الأعضاء الحيوية.
العلاقة بين اليود والغدة الدرقية
تُعد الغدة الدرقية أكثر الأعضاء اعتمادًا على اليود. فعند نقص هذا العنصر، تعجز الغدة عن إنتاج الكمية الكافية من هرمونات T3 وT4، مما يدفع الدماغ إلى إفراز المزيد من الهرمون المنبه للغدة الدرقية (TSH) في محاولة لتعويض النقص.
ومع استمرار هذا الخلل، قد تتضخم الغدة الدرقية، وهي الحالة المعروفة بـالدُّراق، كما تظهر أعراض قصور الغدة الدرقية مثل:
التعب المزمن
زيادة الوزن
بطء ضربات القلب
تساقط الشعر
اضطرابات التركيز والذاكرة
نقص اليود وتأثيره على الدماغ والقدرات العقلية
يُعد الدماغ من أكثر الأعضاء تأثرًا بنقص اليود، خصوصًا خلال مراحل النمو المبكرة. فهرمونات الغدة الدرقية ضرورية لتطوّر الخلايا العصبية، وتكوين الوصلات العصبية في الدماغ.
تشير الدراسات إلى أن نقص اليود خلال الحمل أو الطفولة المبكرة قد يؤدي إلى:
انخفاض معدل الذكاء
ضعف الذاكرة والانتباه
تأخر النمو العقلي
صعوبات التعلم
ولهذا السبب، يُصنّف نقص اليود كأحد الأسباب القابلة للوقاية من الإعاقة الذهنية عالميًا.
أهمية اليود لصحة المرأة والتوازن الهرموني
يلعب اليود دورًا مهمًا في تنظيم التوازن الهرموني لدى النساء، لا سيما في ما يتعلق بهرمون الإستروجين. فوجود مستويات كافية من اليود يساعد الجسم على التعامل مع الزيادات الهرمونية وتقليل تأثير الإستروجين الزائد، والذي يرتبط أحيانًا بمشكلات مثل:
آلام الثدي
اضطرابات الدورة الشهرية
الأورام الليفية
تكيسات الثدي
كما أن نقص اليود لدى النساء في سن الإنجاب قد يؤثر سلبًا على الخصوبة وصحة الحمل.
اليود ودوره في دعم الجهاز المناعي
لا يقتصر دور اليود على الغدة الدرقية فقط، بل يمتد إلى تقوية الجهاز المناعي. إذ يساهم في دعم:
الخلايا المناعية الفطرية
الخلايا القاتلة الطبيعية (NK Cells)
قدرة الجسم على مقاومة البكتيريا والفيروسات
يساعد اليود أيضًا في تعزيز استجابة الجسم الالتهابية الصحية، مما يرفع كفاءة الدفاع الطبيعي ضد العدوى.
أسباب شائعة لنقص اليود
رغم توفر اليود في الطبيعة، إلا أن أنماط الحياة الحديثة أسهمت في زيادة حالات نقصه، ومن أبرز الأسباب:
الاعتماد على الأطعمة المصنعة والفقيرة بالمعادن
استخدام أملاح غير مدعّمة باليود
الابتعاد عن الأغذية البحرية
فقر التربة الزراعية باليود في بعض المناطق
أفضل المصادر الغذائية لليود
يمكن الحصول على اليود من مصادر طبيعية متعددة، من أبرزها:
الأسماك والمأكولات البحرية
الأعشاب البحرية
البيض
منتجات الألبان
الملح المدعّم باليود
ويُعدّ البيض من المصادر الجيدة لليود، خاصة للنساء، لما له من دور إضافي في دعم التوازن الهرموني.
هل يمكن تناول اليود كمكمّل غذائي؟
في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب بمكمّلات اليود، خاصة للحوامل أو الأشخاص الذين يعانون من نقص موثّق. ومع ذلك، فإن الإفراط في تناول اليود قد يسبب اضطرابات عكسية في الغدة الدرقية، لذا يجب عدم استخدام المكملات دون استشارة طبية.
الخلاصة
رغم أن اليود عنصر دقيق يحتاجه الجسم بكميات صغيرة، إلا أن تأثيره على الصحة العامة بالغ الأهمية. من تنظيم الغدة الدرقية، إلى دعم الدماغ والجهاز المناعي، والحفاظ على التوازن الهرموني، يُعدّ اليود حجر أساس لصحة الجسم والعقل.
الاهتمام بتوفير مصادر غذائية غنية باليود، والتوعية بخطورة نقصه، يمثل خطوة ضرورية للوقاية من العديد من الاضطرابات الصحية الصامتة.

تعليقات
إرسال تعليق